19 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الأسيرة لينا الجربوني: عذرا عائلتي فحلمكم بحريتي لم يتحقق

    آخر تحديث: الخميس، 23 فبراير 2012 ، 00:00 ص

    لأول مرة منذ اعتقالها قبل عشر سنوات، تستقبل الاسيرة لينا الجربوني العام الجديد وحدها في غرفة رقم (3) في سجن هشارون، يسكن قلبها رغم كل مساحات الحزن والالم فرحة وسعادة لأن رفيقة دربها ومشوارها وغرفتها وسجنها قاهرة السعدي تحررت فلم يعد يشاطرها أحد حديث الذكريات ورسم الأحلام والآمال وصور الغد المشرق بعد التحرر. فبعد استثنائها من الصفقة لم تجد لينا سوى الورقة والقلم لتعبر عما يجيش في أعماقها من مشاعر ممزوجة بأحزان وآلام وتساؤلات في العام الجديد، بعدما تلاشت الآمال والأحلام التي رسمتها مع أسرتها في آخر زيارة ورفيقتها قاهرة في لحظات اللقاء على امل الحرية التي تأجلت مرة اخرى ولكنها ما زالت تردد "لم ولن نفقد الأمل، فالموعد قادم وقريب."

    رسالة الذكريات
    ومنذ اعتقالها من منزل عائلتها في قرية عرابة البطوف في الداخل، وبعد صدور الحكم بحقها لمدة 17 عاما، كرست لينا حياتها في سبيل خدمة القضية والأسيرات، وسطرت اروع ملاحم البطولة والعطاء متفانية لرسم البسمة على شفاه الاسيرات، واعتادت في كل عام ان تحتفل مع قاهرة برسم الأمنيات والآمال، ولكنها ومن غرفة الذكريات التي مازالت تحتفظ فيها بكل أثر يذكرها برفيقتها لتستمد البشرى، كتبت تقول: "هذه أول مرة أكتب فيها وأنا أستقبل أول أيام العام الجديد ورفيقة دربي ليست إلى جانبي، رفيقة النضال الطويل رفيقة الألم والوجع، رفيقة الفرح الأخت قاهرة السعدي، رفيقتي أنعم الله عليها بالفرج وعانقت الحرية وبقيت أنا وحيدة في هذا المكان الموحش القاسي الذي أصبح اكثر وحشة وأشد قسوة قبل اليوم، كانت تقاسمني وحشة المكان وقسوته رفيقتي وأختي كنا نتقاسم الألم والوجع الفرحة والدمعة، كانت الأمور رغم مرارتها وقسوتها أخف على النفس عشر سنوات وتمت معا، لم نفترق يوما".
    واستدركت تقول: "دخلنا هذا المكان الموحش معاً زيناه بصداقتنا، استطعنا الصمود أنا وقاهرة عشر سنوات بدعمنا لبعضنا، كنا نجلس ساعات طويلة نرسم المستقبل معاً، كان لدينا ايمانا راسخا بأننا سنعانق الحرية معا، هكذا قالوا لنا دائما وهكذا وعدونا ولكن للأسف خذلونا وأخلوا بوعدهم لنا، وفرقونا، سعيدة جدا لأجلها ولأجل جميع الأسرى الذين عانقوا الحرية خاصة الذين أمضوا عقودا خلف القضبان وهذا الأمر الوحيد الذي خفف من خيبة الأمل وخفف أيضا من شدة الصفعة التي تلقيناها".

    تساؤلات وآلام
    وتُعتبر الأسيرة لينا رمزاً لوحدة وتلاحم الشعب الفلسطيني، فرغم محاولات سلطات الاحتلال التفرقة بين أسيرات وأسرى الداخل، كانت ممن تمسكن بوحدة الشعب والهدف والرسالة والمصير والنضال، لذلك شكل تنفيذ صفقة شاليط واستثنائها مع أسيرتين من الداخل صدمة حرمتهن من فرحة العام الجديد مع أسرهن، وتابعت تقول: "بعد الصفقة، وقفت حائرة بحثت عن أجوبة لأسئلة كثيرة دارت في فكري، ولكن للأسف الأجوبة التي جاءتني كانت بمثابة طعنة في الصميم، فكل التعليقات التي جاءت وصرح بها المسؤولون في حماس (اتساءل هل يعرفون ما معنى مسؤولية) كانت أشد قسوة من تركنا هنا، وكأن مشاعرنا أو معاناتنا او آلامنا ليس لها أي اعتبار لدى الاخوة المسؤولين، أنا لا أستطيع الوصول الى أي أحد منهم لذلك وعبر رسالتي في العام الجديد اوجه لهم أسئلتي".
    وأضافت: "هل تركنا هنا لأن هويتنا مختلفة؟ أو تركنا لأن انتماءنا مختلف، أو ربما لأن رقمنا الجغرافي 48 أو لأن لون حدودنا مختلف (الخط الأخضر)؟ كم أتمنى أن يريح فكري المستقل أحد بكل هذه النقاط، تمنيت ان يخرج رجل شجاع صاحب مسؤولية ويميزنا بالحقيقة، ولكن صدق من قال: "ان ظلم ذوي القربى أشد قسوة من ظلم العدو"، بداخلي بركان لو فتحت له الابواب لأحرق كل شيء، أول شيء تتعلمه في داخل هذه الجدران هو الصبر والصبر ثم الصبر، نتعلم كيف نمنع الياس من اقتحام داخلنا نحاربه بالأمل ودائما نضع أمام أعيننا في قلب كل شتاء ربيع نابض، فهل يأتي ربيعنا ؟"

    الربيع العربي
    في العام الجديد، تقام الاحتفالات بشتى الانواع والأشكال على امتداد الكرة الارضية، تتجدد صور الفرح والامل، ولكن لينا التي جهزت أمتعتها واستعدت مع باقي الاسيرات لن تشارك في مواسم الفرح لأنها لن تستقبل العام الجديد في منزل أسرتها، بل في سجنها تواصل السعي لاستعادة الحياة وتجاوز المحنة التي تعبر عنها في كل حرف من كلمات رسالتها التي قالت فيها: "منذ اللحظة الأولى التي تم الاعلان بها عن التوصل الى اتفاق بين الكيان وحماس حول تبادل الأسرى عمت الفرحة وشرعت لها أبواب القلوب وعلت الزغاريد وعلى وجه الخصوص بعد أن سمعنا من خالد مشعل أن الإتفاق شمل كافة الأسيرات، ويبدو أننا لسنا من الأسيرات، فرحنا جدا، ولكن للأسف سرقت فرحتنا والذي سرقها هذه المرة ليس المحتل (الحمد الله الذي أوجد عندنا الاحتلال حتى نعلق عليه انهزامنا وخسارتنا).
    واضافت: "الإخوة في حماس لأسباب لم استطع أن أفهمها الى اليوم بسبب الأحداث التي تحدت في عالمنا العربي وكنت قطعت وعدا على نفسي بعدم متابعة الاخبار، حيث اصبح كل شيء مستباحا، فرغم الربيع الذي يزهر ربوع الدول العربية غير أن هذا الربيع  يروي بالدم، ففرغت الدول ببحر عن الدم ولا اعتقد أن الربيع سيزهر فيها، ولكني تابعت الاخبار رغبة في ايجاد اجابات ولكن للأسف كل التبريرات كانت بمثابة طعنة في الخاصرة ووصمة عار لماذا؟ نحن اسيرات ظلمنا لانهم لا يعرفون عددنا بالتحديد".
    ومضت الأسيرة لينا الجربوني التي ستمضي 7 سنوات من باقي محكوميتها في السجن تقول: "هذا كلام غير صحيح، يعرفوننا بالاسم وبالحكم وبالمدة التي قضتها كل أسيرة وبالمدة المتبقية لها، ثم قالوا إن الاحتلال هو من اخل بالاتفاق ولو كان هذا صحيح فالجندي كان مازال بين أيديهم فلماذا لم يجبروا الاحتلال على تنفيذ الاتفاق بحذافيره لأن هنا الكلام عار عن الصحة، فالاتفاق نطق به خالد مشعل " 27 "أسيرة".
    وأضافت: "بداخلي قهر يسأل لماذا نستثنى من كل شيء مرارا، إنه شعور قاس ومرير ولكن لا نملك إلا أن نقول كما قال يعقوب عليه السلام "صبر جميل والله المستعان على ما تصفون".

    الوطن والانتماء
    وبتأثر بالغ، استدركت الأسيرة لينا تقول: "لم يعد هناك انتماء حقيقي للوطن او لدين، كانت فلسطين هي الهدف لكل فصيل ولكن للأسف أصبحت فلسطين والأسرى ومعاناة الأسرى وسائل لدى بعض الفصائل إلا من رحم ربي لتحقيق أهداف خاصة أو تحقيق انتصارات سياسية، أصبح الانتماء الأول والاخير للفصيل، أصبح هو الهدف، واقع مؤلم ولكن يبقى الواقع فكما الأرض فلسطين مقسمة بلون بطاقة، بلون حدودي، برقم جغرافي، كذلك الاسرى قدامى ما بل اوسلو وحماس وجهاد وفتح ومرضى". واضافت: "ولكني كأسيرة فلسطينية أقول بأعلى صوتي مهلا أيها الإخوة كلنا أسرى لنا أسماء ولنا عناوين، ليت أحد يسمع صراخي، كفاكم كفاكم، نحن بشر هل تعرفون أننا بشر ومناضلون وابناء شعب ورسالة وقضية، فلماذا تم استثناؤنا من الصفقة ولم نتقاسم مع اخواتنا الحرية كما تقاسمنا لعقد كامل الالم والوجع؟"
    واضافت: "كذلك إخواني أسرى ال 48 الذين وعدوا بأن الصفقة لن تتم إلا بهم، لماذا جرى التخلي عنهم؟ كلكم تتحملون المسؤولية لتركهم، لا أستثني أحداً من المسؤولية، فهؤلاء الرجال عندما سمعوا نداءكم ونداء الوطن هبوا ولبوا النداء ولم يتخاذلوا، أما أنتم فلم تقدروا لهم ذلك، ولكن في كل الأحوال نحن لنا الله، لن يتخلى عنا فولاؤنا لله وانتماؤنا لرسوله الكريم هو لن يخذلنا ولن يخدعنا".

    رسالة للأهل
    وانتهت الصفقة، لتدرك لينا أن عامها الجديد سيكون في نفس المكان وتفاصيله، نفي في الأسر وغياب عن الأهل الذين استكملت وإياهم على شبك الزيارة استعدادات اللقاء، والأشد قساوة من عدم تحقق الأمل كما تقول: "اتساءل، هل فكر أحد أن يتصل بأهلي ويطمئن عليهم بعد الصدمة، ففي المرة الاولى حتى هذا الأمر البسيط لم أحظ به، وكأنني غير موجودة، لا يهتم ولا يكثرت احد لأمري، ولكن في ظل الوعود رسمت الامل من جديد، وأخبرت أمي في آخر زيارة قبل المرحلة الثانية، أن الزيارة القادمة لن تأتي لزيارتي أنا سأزوركم بالبيت، لحظتها ضحكت أمي ولم افهم ضحكتها التي شقت طريقها بصعوبة من بين حبات دموعها، لم أفهم أهي دموع فرح أو هو احساس الألم الذي أخبرها بالحقيقة إنني لن أكون معهم يوم الأحد ستبقى أمي تتحمل عناء السفر من أجل زيارتي".
    وأضافت لينا: "أمي آسفة جداً سامحيني أثقلت عليك كثيراً، كنت أتمنى أن يكرمك الله وترتاحي من تعب الزيارة والذل الذي تذوقينه من أجل دقائق قليلة منها، ولكن أمي لست أنا من اخل بالوعد، ولست أنا من خذلتك، عذرا امي لك الله، تذكري دائما قول يعقوب عليه السلام وتذكري المناسبة التي قالها فيها هذا القول "صبر جميل والله المستعان عما تصفون".
    وخاطبت لينا والدها قائلة: "والدي الطيب لا أعرف ما يقال في هذه المناسبة هل أواسيك أم انتظرك يوم زيارتي لتواسيني، أبي ثق دائما إني صابرة ومعنوياتي عالية ولا أحتاج الى كلمات مواساه، أحتاجكم جانبي دائماً أنت وإخوتي الأعزاء أخواتي الحبيبات، خططنا يوم الزيارة الأخيرة عن مراسيم اللقاء وتشاجرنا من سيكون أولاً لاستضافتي بعد التحرر، أيضا استسمحكم عذرا، وعذري هذه المرة الامر لم يكن بيدي، والى أخي اقول لن نجتمع على مائدة الغداء يوم الأحد، سأنتظركم يوم زيارتي القادمة لاعتذر منكم جميعا".
    ولكن رسالة لينا لم تنته وأضافت قائلة: "في العام الجديد أقول الى رفيقة دربي الطويل قاهرة، يبدو أن اللقاء ليس بقريب، فرقوا بيننا مرتين المرة الأولى عندما عانقت أنت الحرية وبقت أنا هنا، والمرة الثانية أخلوا بوعدهم لك، اقول لكم جميعكم يا أحباب قلبي مهما طال ليل السجن فلابد أن يبزغ فجر الحرية، وفي قلب كل شتاء ربيع نابض، وفي كل ليل فجر باسم لابد أن تشرق شمس الحرية يوما، قدري أن استقبل العام الجديد وحيدة دونكم، ولكن قلوبكم ومحبتكم وصوركم ودعواتكم، تمنحني القوة والعزيمة والصبر لأتحدى رحلة عذاب في عامي الجديد دون أن أفقد الأمل بفجر العيد الجديد".

    (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 1/1/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

بداية الإضراب الكبير في فلسطين

19 إبريل 1936

الاستشهادي أنس عجاوي من سرايا القدس يقتحم مستوطنة (شاكيد) الصهيونية شمال الضفة المحتلة، فيقتل ثلاثة جنود ويصيب عددا آخر

19 إبريل 2003

تأكيد نبأ استشهاد القائد المجاهد محمود أحمد طوالبة قائد سرايا القدس في معركة مخيم جنين

19 إبريل 2002

استشهاد المجاهد عبد الله حسن أبو عودة من سرايا القدس في عملية استشهادية وسط قطاع غزة

19 إبريل 2002

الاستشهاديان سالم حسونة ومحمد ارحيم من سرايا القدس يقتحمان محررة نيتساريم وسط قطاع غزة ويوقعان عددا من القتلى والجرحي في صفوف الجنود الصهاينة

19 إبريل 2002

عصابة الهاغاناه تحتل مدينة طبريا، حيث سهل الجيش البريطاني هذه المهمة وقدم المساعدة على ترحيل السكان العرب، وانسحب منها بعد يومين تماماً

19 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية