الخميس 28 مارس 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الاعتقال الإداري والحرب الاستباقية

    آخر تحديث: السبت، 26 مايو 2012 ، 00:00 ص

    بقلم/ ياسين السعدي

    الاعتقال تعني التقييد، كما جاء في الحديث النبوي الشريف: )اعقل وتوكل) ومنها قول أبي بكر في جوابه الحازم للرد على دعوة بعض الصحابة، رضي الله عنهم، لملاينة المرتدين حين أجاب مصمماً على تطبيق منهاج النبوة كاملاً: )والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لجاهدتهم عليه).
    ونعرف كيف كانت النتيجة الحاسمة لهذا الموقف الحازم. والاعتقال مصدر مأخوذة من الماضي الثلاثي)عَقَلَ بفتح) حروفها الثلاثة. أما )عَقِلَ)، بكسر حرف القاف، فتعني صار عاقلاً، كما نعرف ذلك.
    يقول المنجد: )عقل عقلاً البعير: ثنى وظيفة مع ذراعه فشدهما معاً بحبل هو العقال). ويضيف المنجد: )والعقال جمعها) عُقُل): حبل يشد به البعير في وسط ذراعه. ومنه العقال الذي يشد على الرأس).
    وعليه فإن الاعتقال تعني القيد لمنع الحركة الطبيعية، وعدم القيام بما لا يريده من يقوم بالاعتقال. ومن هنا يتم تطبيق المعنى عملياً في حالة الاعتقال، أو ما اصطلح عليه بعملية الأسر.
    ففي كل مراحل التاريخ الحربي الإنساني كان الأسرى يعتقلون أي يتم تقييدهم وربطهم بالقيود كي لا يقاوموا عملية الأسر أو يقوموا بمحاولة الفرار، كما يحدث أحيانا.
    ونعرف كيف تم ربط الأسرى في معركة بدر حتى عرضوا على الرسول الكريم الذي أمر بفك قيودهم في نظرة إنسانية غير مسبوقة. أما في الحروب الكبيرة فيساق الأسرى ويحشرون في تجمعات، وتضرب حولهم الأسيجة ويقوم الجنود بحراستهم.
    وفي حالات الاحتلال، كما حدث عندنا، فتبنى لهم المعتقلات الجماعية والزنازين الانفرادية للذين يعدهم الاحتلال من القياديين الذين يمكن أن يكون لهم تأثير في بقية المعتقلين، فيمنعهم من الاختلاط ببقية المعتقلين عقاباً لهم أولاً، ثم إبعادهم عن بقية الأسرى لكي لا يحرضوهم أو يقوموا بتوجيههم ورفع معنوياتهم، وهذا هو سر الاعتقال الانفرادي أو)العزل) الذي يمارسه الاحتلال بحق المعتقلين القياديين الذين يصفهم بالخطرين.
    أما الحرب الاستباقية فتعني المبادرة بشن الحرب ومفاجأة الخصم قبل أن يكمل استعداده للمواجهة فيحدث لديه الارتباك ولا يستطيع المقاومة فيستسلم بعد أن يتلقى الضربة القوية التي اصطلح على تسميتها بالحرب الاستباقية، لأن من يقوم بالمبادرة يكون هو السابق في شن الحرب، كما حدث في عدوان1967 م. وهكذا فإن اعتقال من يطلق عليهم النشطاء قبل القيام بعمل معاد يعتبر حرباً استباقية.

    حقوق الأسرى
    كان المعتقلون أو الأسرى يعاملون معاملة قاسية قد تصل حد الإعدام للتخلص من تبعات ما يترتب على المنتصرين من إطعامهم وما يلزم من حراسة أو نقل أو غير ذلك، ولذلك كانوا يقتلونهم بالرغم من استسلامهم؛ كما يذكر التاريخ من إعدام نابليون بونابرت لحامية مدينة يافا الذين استسلموا، ولكن نابليون أمر بإعدامهم على شاطئ البحر للتخلص من التزامه تجاههم.
    وهكذا كان يحدث في كثير من الحروب قبل وبعد نابليون إلى أن تمت اتفاقية جنيف الأولى بشأن حقوق الإنسان سنة 1864م بشأن الأسرى وجرحى الحروب والمدنيين المتواجدين في ميادين الحروب.
    وتم تعديلها وإضافات جديدة باتفاقيتين سنة1949 م، بعد الحرب العالمية الثانية. لكن المجتمع الدولي، حرصاً على حقوق الأسرى والجرحى والمدنيين المتواجدين في المناطق التي تحدث فيها الحروب، عمل على زيادة الحرص على حقوق الإنسان فتم إضافة بروتوكولين اثنين في 8 حزيران1977 م، وبروتوكول ثالث سنة2005 م. وقد وقعت دول العالم جميعها على ما يطلق عليه اتفاقية جنيف الرابعة حول الأسرى.
    وعليه نجد أن الضمير الإنساني يحاول جاهداً مراعاة حقوق الإنسان، وإن لم يتم احترام هذه الاتفاقيات وتطبيقها كما وضعت من أجله.
    كل هذا لمعالجة الذين يقعون في الأسر أثناء المعارك. أما عندنا في فلسطين فالوضع مختلف، والاعتقالات لا تتم في أغلبها خلال المواجهات أو المقاومة أو حتى التخطيط والعمل ضد الاحتلال، إنما يتم الاعتقال بناء على جمع معلومات قد لا تكون صحيحة، ولكن يتم الاعتقال من باب التحرز ومن قبيل الاحتياط وأخذ الحذر من محاولات قد يقوم بها المعتقلون وهو ما يسمى: (الاعتقال الإداري).
    يتم اعتقال المشتبه بهم ويزجون في المعتقل بدون محاكمة ويتم تجديد مدة الاعتقال مرات عديدة قد تصل إلى أكثر من عشر مرات متتالية كل مرة تكون لستة أشهر.

    لكن الأسوأ من كل ذلك هو (العزل) أو (السجن الانفرادي) بحيث يبقى المعتقل منزوياً لوحده ويحرم من مخالطة الناس ومن تسلم الرسائل ومطالعة الصحف، وأحيانا أو في الأغلب، يحرم من زيارة أهله وذويه، وهذه أقسى أنواع العقاب.

    قلنا إن الاعتقال الإداري هو من باب )الشبهة) أو من قبيل الظن بأن هذا الشخص يمكن أن يقوم بنشاط معاد أو يقوم بالتحريض أو بتوجيه وإرشاد المقاومين. ولا يتم الاعتقال الإداري إلا لمن يكون في موقع متقدم من حيث انتمائه إلى تنظيم معين أو على درجة كبيرة من التقدير في مجتمعه كما يحدث مع المستقلين الذين يتم اعتقالهم أو إبعادهم لمجرد أن لهم توجهات وطنية صادقة، ويمكن أن يكون لهم تأثير في توجيه مقاومة الاحتلال.
    على هذا الأساس فإن ما يقوم به الاحتلال من )اعتقال إداري) أو الإبعاد يمكن أن يندرج تحت مفهوم )الحرب الاستباقية) التي يقوم بها المحتلون ضد الذين يقعون تحت الاحتلال، أي أن الاعتقال حسب خططه يسبق الأحداث التي يمكن أن يقوم بها المعتقلون أو يمكن أن يقوموا بتوجيه المقاومة ضد الاحتلال.

    وقد يكون الاعتقال للقياديين أو لما يطلق عليهم )نشطاء المقاومة)، من بلدانهم التي تكون دولاً مستقلة، ومع ذلك يتم اختطاف هؤلاء النشطاء واعتقالهم، كإجراء وقائي ثم لاستجوابهم والحصول على معلومات. ولعل أشهرهم القيادي في حزب الله الشيخ )عبد الكريم عبيد) الذي اختطفته قوات الاحتلال من لبنان في العام1989 م و)مصطفى ديراني) الذي اختطف في العام1994 م، وأطلق سراحهما في صفقة تبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل سنة 2004 م. وهذا النموذج يعتبر من الحرب الاستباقية.
    أما ما قام به الأسرى والمعتقلون الإداريون أخيراً من احتجاجات وإضراب عن الطعام وصل فيه وضع بعض المعتقلين مرحلة الخطر على حياتهم، فيعتبر سابقة غير مسبوقة في تاريخ القضية الفلسطينية، لاقت تجاوباً كبيراً وتعاطفاً شعبياً واهتماما رسميا في الداخل والخارج، أدى إلى نتيجة يتمنى أن لا تبطل الاحتلال الصهيوني تأثيرها، وأن تنتهي سياسة الاعتقال الإداري وسياسة العزل أو السجن الانفرادي، كما فهمنا من الاتفاق أو (التسوية) التي تمت.

    (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 20/5/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد سامر صبحي فريحات من سرايا القدس خلال كمين نصبته قوات صهيونية خاصة ببلدة اليامون شمال جنين

28 مارس 2006

اغتيال ستة أسرى محررين في مخيم جباليا بكمين صهيوني والشهداء هم: أحمد سالم أبو إبطيحان، عبد الحكيم شمالي، جمال عبد النبي، أنور المقوسي، مجدي عبيد، ناهض عودة

28 مارس 1994

اغتيال المناضل وديع حداد  وأشيع أنه توفي بمرض سرطان الدم ولكن دولة الاحتلال اعترفت بمسئوليتها عن اغتياله بالسم بعد 28 عاماً

28 مارس 1978

قوات الاحتلال بقيادة شارون ترتكب مجزرة في قرية نحالين قضاء بيت لحم، سقط ضحيتها 13 شهيداً

28 مارس 1948

الأرشيف
القائمة البريدية