مؤسسة مهجة القدس ©
عدنان الأÙندي يتØدث عن تجربته النضالية والإبداعية داخل وخارج السجون والمعتقلات الصهيونية
Øلقة جديدة من Øلقات نضالات وابداعات الأسرى داخل وخارج السجون والمعتقلات؛ وتتناول Øلقة اليوم التجربة النضالية والإبداعية للأسير المØرر عدنان الأÙندي، كما رواها لمركز أبو جهاد لشؤون الØركة الأسيرة التابع لجامعة القدس.
ولد الأسير المØرر عدنان Ù…Øمد يوس٠الأÙندي ÙÙŠ الخامس من تشرين الثاني لعام 1971Ù… ÙÙŠ مخيم الدهيشة ببيت Ù„ØÙ…ØŒ وهو أبن أسرة مناضلة هجرت العام 1948Ù… من قرية دير أبان غرب مدينة القدس، وهو الأصغر بين إخوته الذين كانوا قد اعتقلوا جميعاً وأمضوا Ùترات متÙاوتة ÙÙŠ المعتقلات الإسرائيلية، كما اعتقل والده أيضاً خلال الانتÙاضة الأولى. تلقى تعليمه للمرØلتين الابتدائية والإعدادية ÙÙŠ مدرسة ذكور الدهيشة، وأكمل Ø¨Ù†Ø¬Ø§Ø Ø§Ù„Ù…Ø±Øلة الثانوية ÙÙŠ الÙرع العلمي ÙÙŠ مدرسة ذكو بيت Ù„ØÙ… الثانوية.
كان لنشوء الأسير المØرر عدنان الأÙندي ÙÙŠ مخيم الدهيشة للاجئين الأثر الكبير على مسيرة Øياته، ÙÙÙŠ ظل الأجواء الثورية، التي تميز المخيمات الÙلسطينية العامة، تشكل لديه الوعي والانتماء الوطني، كما هو الØال مع أبناء جيله من المخيم، ونمت ÙÙŠ أعماقه Ø§Ù„Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ø«ÙˆØ±ÙŠØ© الجهادية.
كانت البداية مع Øلول Ùجر الثالث عشر من أيار العام 1993Ù… Øين خرج الأÙندي برÙقة أشقائه إلى العمل ÙÙŠ القدس، ولم يكن Ø£Øد يعلم بما يخطط له عدنان إذ قام ÙÙŠ ذلك اليوم بطعن إسرائيليين بالسكين وأصابهما بجروØØŒ وبعد مطاردته، تم اعتقاله والØكم عليه بالسجن مدة ثلاثين عاماً.
كان ذهاب المناضل عدنان الأÙندي إلى مدينة القدس بداÙع العمل مع إخوته ÙÙŠ مجال أعمال البناء، غير أنه ÙÙŠ ذلك اليوم قام وقبل أن يغادر بيته بوضع سكين ÙÙŠ Øقيبة طعامه، Ùوصل إلى مكان عمليه دون Øدوث مشاكل وذلك على الرغم من دقة وصعوبة التÙتيش على الØواجز الإسرائيلية.
بدأ عدنان العمل مع أخويه Øتى جاء موعد الÙطور، تناول معهما الطعام، وهو ÙŠØدق بهما بنظرات وداع، إذ اجتاØت كيانه ÙÙŠ تلك اللØظات مشاعر الأخوة وشعر بمدى ارتباطه بهما ÙˆØبه لهما.
ويبين عدنان أنه قد انتابته ÙÙŠ تلك اللØظات مشاعر غريبة بأنه لن يراهما بعد اليوم وإلى الأبد. لم يعر٠أو يشعر Ø£Øد من أخويه بما كان ÙŠÙكر Ùيه، ويومها طلبا منه مساعدتهما ÙÙŠ إنجاز العمل، Ùابتسم وأجاب بأنه ينوي الذهاب ولم يخبرهما عن وجهته، نظر إليهما نظرة أخيرة، وبدأ السير مسرعاً، وهو ÙŠØمل سكينه التي بقيت معه منذ خروجه من البيت.
توجه عدنان إلى الشارع المقابل لمكان عمله، سار Ùيه مسرعاً، وعيناه تبØثان ÙÙŠ كل مكان عن هدÙØŒ Øينها Øضرت ÙÙŠ ذاكرته ومخيلته صور الأطÙال والنساء من ضØايا المجازر والذكريات المؤلمة عن Ø§Ù„Ù…Ø°Ø§Ø¨Ø Ø§Ù„ØªÙŠ تعرض لها الشعب الÙلسطيني ÙÙŠ صبرا وشاتيلا وعيون قارة والمسجد الأقصى ÙˆÙÙŠ أنØاء الضÙØ© الغربية وغزة والوطن كله، كان Øينها ÙŠØدث Ù†Ùسه بضرورة الانتقام لكل هؤلاء وأنه Øان وقت الثأر لأبناء شعبه.
قرر عدنان شن الهجوم، وبعد أن رأى عدداً من الشباب الإسرائيليين يسيرون ÙÙŠ الشارع، سØب سكينه وهاجمهم مردداً "الله أكبر"ØŒ قام بطعن Ø£Øدهم ثلاث طعنات، ثم بدأ بالركض ÙÙŠ الشارع Ù…Øاولاً الإمساك بآخر Ùقام أيضاً بطعنه ثلاث طعنات. هاجمه عدد كبير من المارة الإسرائيليين الذين استطاعوا السيطرة عليه واØتجازه ÙÙŠ موق٠للسيارات، ثم انهالوا عليه بالضرب Øتى غاب عن الوعي.
نقل عدنان الأÙندي، وهو Ùاقد للوعي، من مكان العملية إلى مركز التØقيق ÙÙŠ القدس والمعرو٠باسم "المسكوبية"ØŒ ليمكث هناك ÙÙŠ الزنازين أكثر من سبعين يوماً، كانت مرØلة مريرة من العذاب والألم، ثم نقل إلى قسم العزل ÙÙŠ معتقل الرملة.
تعرض عدنان ÙÙŠ بداية اعتقاله لتØقيق عني٠وقاس مدة شهرين، وعوقب بالعزل الانÙرادي ÙÙŠ زنزانة تØت الأرض Ù„Ùترة طويلة، وتنقل بين عدة سجون، Øيث تم نقله إلى سجن عسقلان المركزي ومكث Ùيه Ùترة من الزمن التقى خلالها مع عدد من الإخوة المناضلين، والذين شاركهم ÙÙŠ العام 1992Ù… ÙÙŠ الإضراب المÙØªÙˆØ Ø¹Ù† الطعام. Ùيما بعد نقل إلى سجن جنيد المركزي ÙÙŠ نابلس والذي مكث Ùيه Øتى نهاية العام 1995Ù…. ثم بعد إغلاق المعتقلات الإسرائيلية ÙÙŠ مناطق الضÙØ© الغربية وتسلم السلطة الوطنية الضÙØ© الغربية نقل إلى سجن Ù†ÙØØ©ØŒ وبشكل العام وخلال سنوات اعتقاله تنقل الأÙندي بين سجون عديدة.
كانت الÙترة الأطول تلك التي أمضاها ÙÙŠ سجن ريمون، Øيث أمضى Ùيه Øوالي ثماني سنوات متتالية، وهي الÙترة الأكثر تأثيراً عليه أيضاً، وإذ تعر٠هناك على الأسير المناضل ميسرة أبو Øمدية، والذي استشهد إثر إصابته بمرض السرطان ونتيجة للإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة السجون.
واكب الأسير المØرر عدنان الأÙندي الØالة المرضية التي كان يمر بها الشهيد ميسرة أبو Øمدية بØكم إقامتهما معاً ÙÙŠ الغرÙØ© ذاتها. وكان للشهيد أبو Øمدية تأثير كبير على Ùعاليات ونشاط الØركة الÙلسطينية الأسيرة، Ùكان يعقد الجلسات الثقاÙية بشكل دائم رغم كبر سنه وقسوة مرضه، وكان أيضاً من أشد المناضلين إصراراً على ضرورة الوØدة الوطنية بين كاÙØ© الÙصائل ÙÙŠ الساØØ© الÙلسطينية ÙˆÙÙŠ داخل السجون الإسرائيلية، خاصة بعد الانقسام الذي Øدث ÙÙŠ الساØØ© الÙلسطينية، والذي ترك أثراً ملØوظاً على الØركة الÙلسطينية الأسيرة، كان للشهيد أبو Øمدية دور كبير ÙÙŠ التقريب بين الÙصائل والتنظيمات ÙÙŠ المعتقلات وخاصة ÙÙŠ معتقل ريمون خلال Ùترة وجوده مع المناضل عدنان الأÙندي.
تعرض الأÙندي طوال سنوات اعتقاله لأشكال عديدة من الممارسات التعسÙية والعقوبات كالØرمان من زيارة الأهل لسنوات طويلة بذرائع أمنية. ومنذ بداية اعتقاله بدأ يطور ثقاÙته العامة، Øيث تمكن من إتقان اللغة العبرية من خلال الدورات الثقاÙية التي تعقد داخل السجون، ما شجعه على إكمال تعليمه العالي ÙÙŠ المعتقل من خلال الانتساب للجامعة العبرية المÙتوØØ©. وعلى الرغم من ظرو٠الاعتقال القاسية والعقوبات المتكررة التي كانت تÙرض عليه من قبل إدارات السجون، استطاع الأÙندي الØصول على درجة البكالوريوس ÙÙŠ العلوم السياسية من الجامعة المÙتوØØ©. وكتب أيضاً عدداً من المقالات التي كان يبعث بها إلى خارج السجن، كان من بين مقالاته الهامة واØدة بعنوان "زيارة تاريخية" كتبها ÙÙŠ سجن ريمون يتØدث Ùيها عن زيارة إخوته له بعد انقطاع عنهم دام لسبعة عشر عاماً.
يقول الأÙندي ÙÙŠ هذه المقالة "Øرمت من زيارة إخوتي منذ العام 1996Ù…ØŒ وكانت أعمارهم ÙÙŠ ذلك العام ØªØªØ±Ø§ÙˆØ Ù…Ø§ بين الثلاثين والخامسة والثلاثين عاماً، أي أنهم كانوا لا يزالون ÙÙŠ عمر الشاب. منذ ذلك العام وأنا أشتاق لرؤيتهم، ولو أن السجون بقيت كما كانت ÙÙŠ السابق ÙÙŠ المدن الÙلسطينية المØتلة عام 1967Ù… وقبل اتÙاق أوسلو لبقيت أزورهم وأراهم كل أسبوعين. ولكن بعد أن تم نقلنا من السجون الموجودة ÙÙŠ مدن الضÙØ© الغربية، خاصة من سجن جنيد، إلى سجون تقع ÙÙŠ الداخل، أصبØنا نشعر بالتغيير الكبير وبسوء أوضاعنا...".
ويواصل الأÙندي Øديثه قائلاً: "لا يختل٠عاقلان من أبناء الشعب الÙلسطيني على أن أوضاعنا قبل اتÙاقية أوسلو كانت Ø£Ùضل مما هي عليه بعد الاتÙاقية، على الأقل على مستوى زيارة الأهل Øيث كان الأسير منا يزوره كل Ø£Ùراد العائلة دون استثناء، ودون الØاجة للØصول على تصريØ. وكان بنا أمل ÙÙŠ أن تتØسن الأوضاع بعد توقيع أوسلو خاصة Ùيما يتعلق بزيارة الأهل وبنينا على هذا الاتÙاق آمالاً كبيرة، وكثيراً ما كنا نتØدث Ùيما بيننا كأسرى، خاصة الأسرى القدامى منا، ونتساءل إن كنا سنتمكن من رؤية أهلنا قبل أن Ù†Ùقدهم الواØد تلو الآخر، بعد أن مضت سنوات طويلة دون أن نراهم، Ùكثير من الأسرى Ùقدوا آباءهم وأمهاتهم وهم داخل المعتقلات، وكثير من الأسرى تركوا إخوة لهم ÙÙŠ جيل الشباب، ÙˆÙقدوهم دون أن يزوروهم Ù„Ùترات طويلة...". وهذا ما Øصل بالÙعل مع عدنان الأÙندي إذ استشهد ابن أخيه قصي الأÙندي، ابن السبعة عشر عاماً، وقد ولد قصي واستشهد دون أن يعرÙÙ‡ عمه الأسير أو يراه.
يواصل الأسير المØرر عدنان الأÙندي Øديثه Ùيقول ÙÙŠ مقالته "ÙÙŠ العام 2012Ù… كانت المÙاجأة بالنسبة إلي عندما أخبرتني والدتي بأن ثلاثة من إخوتي الستة الذين لم أراهم منذ سبعة عشر عاماً سو٠يزورونني بعد أن تمكن الصليب الأØمر من استصدار ØªØµØ§Ø±ÙŠØ Ø²ÙŠØ§Ø±Ø© لهم ولمرة واØدة Ùقط. ÙÙŠ تلك اللØظة عادت بي الذاكرة إلى الوراء سبعة عشر عاماً، وشعرت أنني أسمو عالياً ÙÙŠ السماء، لأنني كنت قد Ùقدت الأمل ÙÙŠ رؤيتهم وهم على قيد الØياة بعد هذه الÙترة الطويلة التي لم أرهم Ùيها. بقيت أرقب وأنتظر موعد الزيارة القادمة وأرسم صوراً لهم ÙÙŠ مخيلتي، وأتساءل: كي٠أصبØت صورهم؟ هل مازالوا كما كانوا؟ ومرت الأيام ما بين الزيارة والزيارة التالية وكأنها سنوات، ÙˆÙÙŠ السابع والعشرين من أيلول العام 2012Ù… خرجت للزيارة وكانت المÙاجأة والصدمة الكبيرة، Ùقبل سبعة عشر عاماً أذكر أن إخوتي كانوا ÙÙŠ جيل الشباب! تÙاجأت أن من أمامي هم إخوتي الثلاثة الذين يكبرونني وقد تجاوزوا سن الخمسين، أي تجاوزوا سن الشباب الذي تركتهم Ùيه. ولكن عندما جلست أمامهم شعرت بطعم جديد للØياة لم أعرÙÙ‡ منذ Ùترة طويلة، وكبر الأمل لدي أكثر مما كان عليه وشعرت أنني قد ولدت من جديد، وتمنيت لو ان وقت الزيارة يطول ويطول عن الـ 45 دقيقة المعهودة، Ùقد مضى وقت الزيارة كأنه Ù„Øظة... وعندما عدت من الزيارة إلى القسم شعرت وكأنني زرتهم للØظة، أو أنني قد رأيتهم ÙÙŠ Øلم...".
Ø£Ùرج عن المناضل عدنان الأÙندي ÙÙŠ نهاية العام 2014Ù… ضمن الدÙعة الثالثة لأسرى ما قبل أوسلو، بعد الاتÙاق السياسي الذي جرى بين الرئيس Ù…Øمود عباس ÙˆØكومة الاØتلال. ولقي موضوع الإÙراج عن الأÙندي صدى كبيراً ÙÙŠ وسائل الإعلام الإسرائيلية، Øيث عارضت الإسرائيلية "بلا Ùرويند"ØŒ والتي كانت قد قامت بمساعدته عند اعتقاله، الإÙراج عنه، وذلك خلال مقابلة صØÙية أجرتها معها وسائل الإعلام الإسرائيلية طالبت Ùيها "بعدم الإÙراج عن الأسير الÙلسطيني عدنان الأÙندي، الذي قد تشمله القائمة الثالثة من الأسرى المنوي الإÙراج عنهم".
وبعد ورود اسم عدنان الأÙندي ضمن قائمة الأسرى الذين سيÙرج عنهم تستذكر "بلا Ùرويند" اللØظات التي Ù†ÙØ° Ùيها عدنان عمليه الطعن وقامت مجموعة من الشباب الإسرائيليين بمطاردته ÙÙŠ Ù…Øاولة منهم لقتله، وتقول إنها قامت بØمايته عندما وصل إليها، ومنعت بجسدها الشباب الغاضبين من الوصول إليه، وتØملت منهم الشتائم والضرب، راÙضة الابتعاد عنه على الرغم من تهديد Ø£Øدهم لها، الذي طلب منها الابتعاد كي يطلق عليه النار، ولكنها رÙضت Øتى جاءت عناصر الشرطة الإسرائيلية واعتقلته. وتؤكد "بلا Ùرويند" أنه يمنع على إسرائيل الإÙراج عن عدنان الأÙندي، وأنها قامت بتطبيق القانون عندما Øمته من القتل، وأنه يجب أن يبقى ÙÙŠ المعتقل Øتى انتهاء مدة Øكمه واعتبرت الإÙراج عنه "خيانة للجمهور الإسرائيلي وخرقاً واضØاً للقانون".
يذكر أن الأسير المØرر الأÙندي باشر بعد تØرره من الاعتقال إكمال تعليمه العالي للØصول على درجة الماجستير، وهو يشكل بذلك، وبمسيرته منذ ما قبل الاعتقال، وخلال الاعتقال وبعده، نموذجاً للØركة الوطنية الأسيرة وللمناضل الÙلسطيني، الذي لا تثنيه التØديات والصعاب عن مواصلة الدرب ÙÙŠ سبيل التراكم المعرÙÙŠ والوطني والعلمي والثقاÙÙŠ اللازم من أجل التØرير، ونيل الØقوق المشروعة للشعب الÙلسطيني.
المصدر/ صØÙŠÙØ© القدس الÙلسطينية