مؤسسة مهجة القدس ©
الذكرى (32) لعملية الهروب الجماعي من سجن غزة
بقلم / عبد الناصر عوني Ùروانة
ÙÙÙŠ الـ17 من آيار/مايو عام 1987 وببركات شهر رمضان الÙضيل، Ù†Ø¬Ø Ø³ØªØ© من الÙدائيين الÙلسطينيين المأسورين ÙÙŠ سجن إسرائيلي يقع وسط مدينة غزة ويÙطلق عليه "سجن غزة المركزي" (السرايا) من نشر قضبان غرÙØ© (7) ÙÙŠ قسم (ب) الواقع ÙÙŠ الطابق الثاني من السجن والهروب من عالم القيد رغم أن٠السجان والإÙلات من قبضة الاØتلال إلى عالم الØرية وساØØ© النضال الأرØب.
ستة أسرى ينتمون لـ "Øركة الجهاد الإسلامي" بدأوا بنشر قضبان ناÙذة زنزاتهم ( الغرÙØ© الصغيرة) ÙÙŠ العاشر من آيار/مايو بشكل مدروس ولمدة سبعة أيام متواصلة دون أن يلاØظ أو يشعر Ø£Øد بما ÙŠÙعلون ØŒ Øيث بدأوا النشر من الجهة الخلÙية للقضبان الØديدية خلال صلاة Ø§Ù„ØªØ±Ø§ÙˆÙŠØ ÙˆØ£Ø«Ù†Ø§Ø¡ آذان الÙجر Ø£Øياناً ØŒ ÙˆÙÙŠ ساعات الÙجر الأولى من يوم الجمعة المواÙÙ‚ السابع عشر من آيار وبعد الانتهاء من النشر وكسر القيود، بدأ الشيخ/ Ù…ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ØµÙˆØ±Ù‰ وتبعه الباقي بالخروج من الناÙذة الصغيرة والضيقة والتي تكاد تتسع لأجسامهم النØÙŠÙØ©.
ونزلوا إلى سق٠تØت الغرÙØ© بمساÙØ© ثلاثة أمتار ومن ثم إلى معرش Øديدي ثم الهبوط على الأرض على ماسورة من الØديد وتجولوا ÙÙŠ السجن ÙˆÙتشوا بعض السيارات التي كانت تق٠بجانبهم بØثا عن Ø³Ù„Ø§Ø . وخشية من اكتشا٠أمرهم سارعوا بتسلق شجرة كبيرة وعالية كانت تقع بجانب أسوار السجن الشاهقة ومنها Ù‚Ùزوا إلى خارج السجن باتجاه شارع الثلاثيني بغزة.
ÙˆÙÙŠ تمام الساعة السادسة من ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ÙŠÙˆÙ… التالي إكتش٠ضابط (العدد) أمر هروبهم Øينما تبين له أن 19 أسيراً Ùقط ÙÙŠ الغرÙØ© من أصل 25 أسيراً، Ùأطلق صÙارة الإنذار وأعلنت Øالة الطوارئ ÙÙŠ السجن ومبنى الØاكمية العسكرية الإسرائيلية الملاصق للسجن وسط مدينة غزة وانتشرت قوات كبيرة من الجيش ÙˆØرس الØدود Øول السجن، وأجرت عمليات اقتØام وتÙتيش واسعة لغر٠وأقسام السجن، وبعد Ùشل Ù…Øاولاتهم بالعثور على الأبطال الستة أعلن مدير عام مصلØØ© السجون هزيمته وهزيمة جيشه ÙˆÙشل كاÙØ© اجراءاته الأمنية أمام إرادة وعزيمة وإصرار الأسير الÙلسطيني.
عملية رائعة استندت إلى خطة مدروسة ومتقنة اتسمت بالكتمان والسرية، وتنÙيذ دقيق لبنودها ومسارها وتعليمات معدها، واعتمدت على الله ودعوات ورضا الآباء والأمهات وإرادة صلبة وعزيمة قوية وإصرار لا يتزعزع من قبل المنÙذين. لتشكل وعلى لسان بعض قادة الاØتلال ÙضيØØ© أمنية كبرى، وصÙعة قوية للمنظومة الأمنية الإسرائيلية ولادارة مصلØØ© السجون واجراءاتها الصارمة.
Ùالجهات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية أصيبت بالذهول ويجب أن تصاب بذلك ÙˆØتى بالانبهار للطريقة التي إستخدمها الأسرى الÙلسطينيون للهروب من سجن يقع داخل مبنى الØاكمية الإسرائيلية بغزة ويØظى بØراسة كبيرة ومشددة على مدار ساعات اليوم, ومØاط بجدار شاهقة، وأسلاك شائكة، وأنوار ساطعة طوال ساعات الليل، وكي٠نجØوا ÙÙŠ كتم أصوات نشر قضبان الØديد وتمكنوا من الإختباء ÙÙŠ الساØØ© الداخلية للسجن بعيداً عن أعين الØراسة , ومن ثم الهروب والاختÙاء خارج السجن.
ومن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه Ùمنهم من قضى Ù†Øبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) صدق الله العظيم
Ù…ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ØµÙˆØ±ÙŠØŒ Ù…Øمد الجمل، سامي الشيخ خليل، ØµØ§Ù„Ø Ø£Ø¨Ùˆ شباب، عماد الصÙطاوي، وخالد صالØ.. هم أبطال المسلسل البطولي Ø§Ù„Ù†Ø§Ø¬Ø Ø§Ù„Ø°ÙŠ Øمل عنوان " الهروب الكبير " من سجن غزة المركزي ØŒ ليواصلوا عطائهم ومقاومتهم للاØتلال ÙÙŠ ساØØ© النضال الأرØب، Ùمنهم من أعيد اعتقاله، ومنهم من استشهد ومنهم من ينتظر.
(Ù…ØµØ¨Ø§Ø Ø§Ù„ØµÙˆØ±ÙŠ) .. العقل المدبر والمخطط لعملية الهروب، وهو أسير سابق أمضى 15 عاما ÙÙŠ سجون الاØتلال الإسرائيلي قبل أن ÙŠÙطلق سراØÙ‡ ÙÙŠ إطار صÙقة تبادل الأسرى عام 1985ØŒ ولديه خبرة سابقة بأساليب الØراسة، وهو أول من Ù‚Ùز من الناÙذة الصغيرة، ليقود إخوانه Ù†ØÙˆ الØرية والشهادة.
وبعد أكثر من أربعة شهور من المطاردة والاختÙاء والمقاومة نال الشهادة ÙÙŠ الأول من تشرين الأول/أكتوبر من عام 1987 خلال اشتباك مع ÙˆØدات كوماندوز إسرائيلية بالقرب من مخيم البريج وسط قطاع غزة. ليلØÙ‚ به (Ù…Øمد الجمل) Ùˆ (سامي الشيخ خليل) اللذان استشهدا أيضاً ÙÙŠ اشتباك Ù…Ø³Ù„Ø Ù…Ø¹ دورية إسرائيلية ÙÙŠ ØÙŠ الشجاعية شرق مدينة غزة ÙÙŠ السادس من تشرين أول/أكتوبر عام 1987. Ùيما ØµØ§Ù„Ø Ø£Ø¨Ùˆ شباب ( إشتيوي ) اعتقلته سلطات الاØتلال بعد سبعة أيام من عملية الهروب وذلك ÙÙŠ الخامس والعشرين من آيار/مايو ØŒ وأن Ø¥Øدى المØاكم العسكرية الاسرائيلية أصدرت بØقه Øكماً بالسجن الÙعلي لمدة خمس سنوات بالإضاÙØ© إلى سنتين بتهمة الهروب من السجن .
بينما Ø£ÙÙ„Ø (عماد الدين الصÙطاوي) وزميله ( خالد ØµØ§Ù„Ø ) بمغادرة قطاع غزة باتجاه مصر العروبة بعد بضعة شهور من إختÙائهما بغزة بعيداً عن أعين الاØتلال، وبعد شهرين تقريباً أبعدا إلى العراق ليستقبلا هناك Ø£Ùضل استقبال من قبل المسؤولين العراقيين وبØضور مندوبين عن القيادة الÙلسطينية.
(عماد الصÙطاوي) عاد إلى غزة مع القوات الÙلسطينية عقب التوقيع على اتÙاق أوسلو وقيام السلطة الوطنية الÙلسطينية عام 1994ØŒ وبعد مكوثه Ùيها لبضع سنوات أراد مغادرتها والسÙر عبر معبر رÙØ Ø¬Ù†ÙˆØ¨ القطاع والذي كانت تسيطر عليه سلطات الاØتلال الإسرائيلي وذلك بتاريخ 13كانون الأول 2000 لتعتقله من جديد وتعيده للسجن وتصدر بØقه Øكما بالسجن الÙعلي لمدة 18 سنة على تهم سبقت عملية الهروب، وقد Ø£Ùرج عنه قبل بضعة شهور بعد أن أمضى كامل مدة Øكمه. أما (خالد صالØ) Ùبعدما وصل للعراق لم يهدأ أو يستكين، لينتقل بعدها إلى تونس، ومن ثم تنقل للعمل ÙÙŠ دول عربية عديدة منها لبنان، سوريا، ليبيا، وأخيراً استقر به الØال ÙÙŠ بلد المليون ونص٠المليون شهيد "الجزائر الشقيقة" ويقيم مع أسرته على أرضها ÙˆÙوق ترابها.
Ùˆ لا أذيع سراً إن قلت بأن ( خالد ØµØ§Ù„Ø ) هو ذاته (عز الدين خالد) مسؤول مل٠الأسرى ÙÙŠ السÙارة الÙلسطينية، وأØد أبرز المداÙعين عن قضية الأسرى هناك، Ùهو من تبنى قضيتهم وناضل ويناضل باستماتة ÙÙŠ الدÙاع عنهم، ويقضي ساعات طويلة من يومه من أجلهم على Øساب أسرته وأطÙاله وقضاياه الشخصية، وهو من جعل قضية الأسرى دائمة الØضور وبقوة وعلى نطاق واسع ÙÙŠ الجزائر الشقيقة ليقدم لنا نموذجاً رائعاً ÙÙŠ الإعلام الخارجي المساند والداعم لقضية الأسرى بمساهمة بعض إخوانه من الÙلسطينيين ومساعدة بعض أشقائه من الجزائريين، Ùهو المسؤول الأول عن عدة ملاØÙ‚ وعشرات الصÙØات التي تختص بالأسرى وتصدر ÙÙŠ العديد من الصØ٠الجزائرية .
ويبقى السابع عشر من آيار/مايو عام 1987 يوماً مميزاً، وعلامة بارزة ÙÙŠ تاريخ الØركة الوطنية الأسيرة، وانتصار يضا٠لانتصاراتها العديدة، ومÙخرة ÙŠÙسجل ÙÙŠ سجلاتها الساطعة، وستبقى عملية الهروب هذه، Ù…ØÙورة ÙÙŠ الذاكرة الÙلسطينية .
ويبقى من ØÙ‚ الأسرى الÙلسطينيين، أن ÙŠØلموا بالØرية التي تعني كسر القيد ÙƒØÙ‚ مكÙول ومشروع، وليس مهماً كي٠يمكن أن يتØقق هذا الØلم، بانتهاء Ùترة Ù…Øكومياتهم، أو ضمن صÙقات تبادل الأسرى، أو Øتى من خلال " المÙاوضات السياسية "ØŒ واÙراجات "Øسن النية " والتي ازدادت بعد اتÙاق أوسلو، أو عبر "عمليات الهروب"ØŒ المهم أن يتØقق Øلمهم دون المساس بالمبادئ والقيم والأهدا٠التي ناضلوا واعتقلوا من أجلها.
ÙللØرية ذات الØرو٠القليلة مذاق آخر، وأبعاد كثيرة ومعاني كبيرة، وللأسرى المØرومين من الØرية أكانوا قدامى أم Øديثي الاعتقال، Ù…Øكومين بالسجن لبضعة شهور أو لبضع سنوات، أو Øتى بالسجن المؤبد لمرة ومرات عديدة ØŒ Øلم يراودهم Ùˆ يعيش معهم، يكبر بداخلهم Ùهو غذائهم الأساسي ومصدر قوتهم وسر بقائهم على قيد الØياة.
ولعل الأسرى الÙلسطينيين ÙÙŠ السجون الإسرائيلية ومن يق٠خلÙهم لم يدخر٠وسيلة إلا ولجأوا إليها لكسر قيدهم وضمان تØقيق Øلمهم بما Ùيها صÙقات التبادل وعمليات الهروب الÙردية أو الجماعية، ولجأوا إليها منذ عقود طويلة، ÙˆÙÙŠ مرات عديدة نجØوا بها، ومن عمليات الهروب الناجØØ© كانت عملية الهروب الجماعي من سجن غزة المركزي التي نتØدث عنها ÙÙŠ ذكراها الـ (32) والتي Øدثت ÙÙŠ السابع عشر من آيار/مايو عام 1987. عملية مميزة كانت وستبقى علامة مميزة ÙÙŠ تاريخ الØركة الوطنية الأسيرة.