26 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • ص

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    الشهيد زهير لبادة.. ربع قرن بين قيود السجن وأوجاع المرض

    آخر تحديث: الثلاثاء، 26 يونيه 2012 ، 00:00 ص

     

    في منزل فقير الحال يعمه الهدوء وراحة البال والرضا بقضاء الله ولد ليقضي طفولة تملؤها العفوية وحب اللعب شأن باقي أطفال العائلة, لكن ما كان يميزه هو عشقه للزهور التي استمد اسمه منها.
    نشأ في بيئة برية جبلية, اعتاد فيها على جمع شقائق النعمان وقرن الغزال ووضعها في كأس ماء ليضعها على النافذة فلم يكن يوجد في المنزل لا طاولة ولا مزهرية بسبب الأوضاع الصعبة التي تسببت بفقر العائلة بعد هزيمة حزيران عام 1967.
    الشهيد زهير لبادة، الابن الأكبر لأسرة مكونة من 6 أبناء وأم وأب يعمل في البناء, ولد في مدينة نابلس عام 1961 , ليكون رجلا بكل ما تحمله الرجولة من معنى. كبر زهير والتحق بالمدرسة وتلقى تعليمه الثانوي في مدرسة الملك طلال ليحصل منها على شهادة الثانوية العامة الفرع العلمي, وتابع دراسته العليا بعد ذلك بجامعة النجاح الوطنية ليتخرج من كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية عام 1984 ويتزوج بعد ذلك بعام.
    منذ صغره تحمل لبادة مسؤولية كبيرة، فواجب الابن الأكبر في مساعدة والده كان سببا هاما دفعه للعمل في سن مبكرة، فبالإضافة إلى الدراسة كان يعمل في البناء الأمر الذي بنى منه شخصية عصامية قادرة على تحمل أعباء الحياة والصبر على مصاعبها. بحبه للآخرين واستعداده الدائم لمساعدتهم حظي زهير بمكانه في قلوب الناس جميعا, فلم يتأخر يوما عن مساعدة جار أو محتاج، كان عطوفا رحيما لا يفرق بين احد في التعامل, هكذا وصفته زوجة ابنه الأكبر رشيد، التي لم تشعر يوما إلا بأنها ابنة من بناته.

    حياة وبطولات
    بدأ الشهيد نشاطه سياسي في سن مبكرة، وبسبب ذلك لم يتمكن من العمل ضمن تخصصه الجامعي، مما دفعه للعمل في مقاولات البناء لتكون هذه المهنة هي مصدر رزقه الدائم.
    بعد أن رزق زهير بطفلته الأولى، وفي أثناء طريقة للذهاب لتجديد رخصة السياقة، فوجئ بسلطات الاحتلال تضع القيود في يده وتقتاده إلى السجن لتكون هذه بداية سلسة اعتقالاته التي اضطر فيها أن يترك أطفاله وبيته وزوجته التي حملت كامل مسؤولية العائلة ودور الأم والأب لأولادها.
    تقول زوجته أم رشيد: "لقد اعتدت على حمل هذه المسؤولية حيث أن زوجي لم يقض معنا إلا فترات قليلة وفي كل مرة كان يتم اعتقاله فيها يترك لي مولودا جديدا لا يستطيع تمييز والده بعد"، وتشير أم رشيد إلى أن أول اعتقال لزوجها كان في عام 1989 ثم توالت سلسلة اعتقالاته حتى أبعد إلى مرج الزهور عام 1992 إلى أن أعيد بعد شهرين إلى مستشفى سجن الرملة بسبب إصابته بمرض الكلى، الأمر الذي تسبب في وجود مضاعفات في حالته الصحية آدت إلى إصابته بالتهاب الكبد، وهو المرض الذي أنهك قواه، مما دفع بقوات الاحتلال إلى الإفراج عنه.
    عاش لبادة حياة صعبة في سجون الاحتلال حرم فيها من احتضان أطفاله وأحفاده ومواساة زوجته، حتى وردته الحمراء التي اعتاد على رؤيتها يوميا والتي ذكرها في كتابه "آهات من سجن الرملة", ذلك الكتاب الذي كتبه أثناء اعتقاله ليجسد فيه العالم المنسي من المعاناة والألم الصامت في سجون الاحتلال.. والذي ذكر فيه قصصا كثيرة حدثت معه في مستشفى سجن الرملة أو مع أحد من أصدقائه السجناء الذين لم تترك لهم الظروف القاسية مجالا للبحث عن الكماليات فشوقهم إلى أهلهم وحريتهم غطى كثيرا على مطالب الحياة الأخرى.
    وتذكر زوجة الشهيد لبادة بمرارة كيف حرمت عائلته من زيارته خلال فترة اعتقاله، ولم يكن يسمح لأحد غيرها بانتظار محطات الزيارة بذريعة أن أولاده وأخواته يتوجب عليهم الحصول على تصريح أمني، وأن إخوته ممنوعون أمنيا, وأن أمه وأباه لا يمتّون له بصلة قرابة حسب زعم الاحتلال..!!!
    بعد خروج لبادة من السجن بدأت حالته الصحية بالتحسن، لكن سلطات الاحتلال لم تترك له مجالا للتعافي جيدا فأعادت اعتقاله عام 2011 لتكون هذه المرة الأخيرة التي يرى فيها شمس الحرية.

    أمنيات ولكن!
    حلم الشهيد لبادة بأن يعيش حياة مستقرة بعد خروجه من السجن, حياة حرم منها على مدار 22 سنة, تمنى لو أنه استطاع فيها أن يرى زوجته وأبناءه وأحفاده الذين لم يتمكن من رؤيتهم إلا من خلال شباك الزيارة الصغير المكون من شبك وطبقتي زجاج بلاستيكي يحجب الرؤية بين الأسير واهله, فضلا عن اشتياقه للحصول على فرصة يستطيع فيها بر والديه ونيل رضاهم, لكن الشهادة كانت سباقة إليه، فلم يستطع فعل ذلك.
    رسم لبادة طريقا حافلا بالتضحية والصمود، ليرحل في يوم الخميس 2012/5/31 تاركا ذكرى له محفورة في ذاكرة الوطن الفلسطيني بعامته وأسرته بشكل خاص, غادرهم جميعا ليترك لهم حزنا بحجم رحليه, وآهات من سجن الرملة, وزهوراً, ووردة حمراء.

     (المصدر: صحيفة القدس الفلسطينية، 24/6/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

استشهاد الأسير المحرر رائد نزال من قلقيلية في اشتباك مسلح خلال تصديه لقوات الاحتلال وكان قد أمضى 14 عاما في سجون الاحتلال

26 إبريل 2002

اغتيال الأسيران المحرران رمضان عزام وسمير زعرب والمناضلين سعدي الدباس وياسر الدباس نتيجة لتفجير جسم مشبوه في رفح

26 إبريل 2001

قوات الاحتلال الصهيوني ترتكب مجازر في خربة الدامون وعرة السريس قضاء حيفا، وخربة سعسع قضاء صفد

26 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية