السبت 27 إبريل 2024 م -
  • :
  • :
  • م

Content on this page requires a newer version of Adobe Flash Player.

Get Adobe Flash player

    أبو معاذ.. كان كلمة السرّ لتنظيم الجهاد في الداخل والخارج

    آخر تحديث: الأحد، 11 نوفمبر 2012 ، 00:00 ص

    ثمانية عشر عاما مرّت على اغتيال القائد المجاهد هاني عابد، من قيادات العمل السياسي في حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، ولا زالت ذكراه حاضرة في وجدان كل من عرفوه، وعاشوا معه ميلاد الفكرة الجهادية الإسلامية الأولى في فلسطين والتي أسس لها وصاغ أركانها الشهيد المؤسس د. فتحي الشقاقي، لتثمر بعد ذلك كواكب لا تنتهي من جيل العقيدة والقرآن، جيل الوعي والإيمان والثورة، القادر على إعادة صياغة المرحلة بفكره ودمه وأشلائه المباركة.
    الثاني من نوفمبر لعام 1994Ù…ØŒ كانت السماء ملبدة بالغيوم، والرياح العاتية تعصف بالأجواء، وقصف الرعود يزلزل الأركان، منذرة بوقوع شيء عظيم وجلل... فإذا بالمآذن تصدح، والجماهير الغاضبة تزحف باتجاه شارع اليرموك وسط مدينة غزة، حينها أدرك الجميع أن حدثا غير طبيعيا قد وقع... وبالفعل، فها هو اسم المجاهد الكبير هاني عابد يتردد بين الجميع، مؤكدين نبأ استشهاده في الانفجار الصهيوني الآثم الذي استهدفه بينما كان يهم بقيادة مركبته على بوابة مبنى كلية العلوم والتكنولوجيا بمدينة خان يونس والتي كان يعمل فيها محاضراً في مادة الكيمياء... لتشتعل فلسطين بعد ذلك ثورة لا تنتهي في وجه الكيان الغاصب... 

    قائد من أسرة مجاهدة
    في الحادي عشر من سبتمبر لعام 1962م، كانت فلسطين على موعد مع ميلاد أحد قادتها المجاهدين، هاني عابد، الذي ينتمي لأسرة فلسطينية مجاهدةً، هُجّرت قسرا عن قريتها الأصلية "سمسم" في العام 1948، جراء إقدام العصابات الصهيونية على ارتكاب العديد من المجازر الوحشية بحق أهالي القرية المستضعفين. ليستقر بها المقام في مخيم جباليا للاجئين بقطاع غزة.
    وفي ذلك المخيم، ترعرع شهيدنا القائد العابد، حيث شاهد بأم عينيه جرائم الاحتلال التي تستهدف أبناء شعبه، وتلقى شهيدنا المجاهد تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، ومن ثمّ أنهى دراسته الثانوية بتفوق كبير، ليلتحق بعدها في الجامعة الإسلامية، تخصص (فيزياء وكيمياء) حيث حصل على درجة البكالوريوس بتقدير جيد جدا، وهو ما أهله للحصول على درجة الماجستير في "الكيمياء" من جامعة النجاح الوطنية بمدينة نابلس، ليكون بذلك أصغر طالب يحصل على "الماجستير" في "النجاح".
    منذ نعومة أظفاره، تميز شهيدنا المجاهد، عن باقي أقرانه، حيث كان هادئاً وذكياً ويتمتع بسرعة فائقة في الحفظ، كما تميز بسرعة بديهيته في حل المساءل الحسابية وهو لازال طفلاً لا يتجاوز عمره الأربع سنوات ÙˆØ°Ù„Ùƒ وفق ما قالته شقيقته الكبرى "أم محمود": موضحة أنه كان يقرأ آيات من القرآن الكريم مرة أو مرتين فتحفظ في ذاكرته، كما تميز بسرعة بديهته في العمليات الحسابية منذ سنواته الأولى.
    وأكملت حديثها قائلةً: "لم يكن مستبعداً أن يلتحق شقيقي "أبا معاذ" بصفوف المقاومة الفلسطينية، وأن يكون أحد رموزها الفاعلين، فبيتنا كان منذ بداية احتلال الكيان الصهيوني لكامل التراب الفلسطيني، ملاذاً أمناً للمقاومين ونقطة انطلاق لهم نحو تنفيذ العمليات الجهادية ضد الاحتلال، فيما كان "هاني" ابن الأربع سنوات العين التي ترقب لهم الطريق وتؤمن لهم مسار الخروج من المعسكر، حيث كان يستكشف الطريق للمجاهدين والمقاومين خشية من تواجد قوات صهيونية خاصة".

    "أبو معاذ" كلمة السرّ
    وتعرف شهيدنا المجاهد هاني عابد "أبو معاذ" على فكر حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين منذ بداية نشأة وتكوين الفكرة الجهادية، في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، عقب دخوله الجامعة الإسلامية حيث أصبح مسئولا وأميرا للإطار الطلابي التابع لحركة الجهاد الإسلامي والتي كانت تعرف باسم "المستقلين". كما عمل شهيدنا على توزيع مجلة "الطليعة" التي كانت ناطقة باسم الحركة وذلك في العام 1984م.
    وقد تدرج شهيدنا في العديد من المهام التنظيمية، ما جعله عرضة للملاحقة الدائمة من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، وحول ذلك تقول شقيقته الكبرى إن "أبو معاذ" كان  ÙƒÙ„مة السرّ لتنظيم الجهاد في الوقت العصيب، فهو يعتبر حافظ أسرار الحركة في غزة، خاصة أسرار جناحها العسكري "القوى الإسلامية المجاهدة - قسم، كما كان نقطة الوصل بين الداخل والخارج"ØŒ مشيرةً إلى أنه نظراً لملاحقة الاحتلال له بصورة مستمرة، حرص على إخفاء كافة الأوراق والملفات السرّية معها.
    فعلى الرغم من إعلان الاحتلال الصهيوني انسحابه من قطاع غزة، في العام 1994Ù…ØŒ تمهيداً لتسليمه للسلطة الوطنية الفلسطينية على إثر اتفاق "أوسلو" إلا أنهم قبل  Ø«Ù„اثة أيام من رحليهم حاصروا  Ù…نزله الكائن في شارع اليرموك بمدينة غزة، في محاولة لاعتقاله، إلا أنه كان قد غادر المنزل قبل ذلك بساعة واحدة.

    أول معتقل سياسي
    وبعد قدوم السلطة إلى أرض الوطن، واندحار قوات الاحتلال عن قطاع غزة، كانت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، من أوائل المبادرين إلى تنفيذ العمليات الفدائية ضد قوات الاحتلال، حيث تمكن مجاهدو الحركة، من قتل اثنين من جنود الاحتلال بالقرب من معبر بيت حانون "ايرز" شمال قطاع غزة، وحينها وجهت سلطات الاحتلال أصابع الاتهام إلى الشهيد القائد "أبو معاذ"، حيث سارعت أجهزة الأمن الفلسطينية إلى اعتقال شهيدنا ليكون بذلك أول معتقل سياسي في سجون السلطة الفلسطينية، حيث تم اختطافه من مقر صحيفة الاستقلال الكائن في شارع الوحدة وسط مدينة غزة، وبقي في السجن لمدة ثمانية عشر يوما.
    وأشارت أم محمود إلى أن الشهادة في سبيل الله كانت حاضرة في وجدان شقيقها حتى بعد اعتقاله على أيدي أجهزة الأمن الفلسطينية، فكثيراً ما كانت تشاهده يبتهل بالدعاء لله في صلاته أن يلحقه بركب الشهداء مع رفاق دربه أمثال صديق عمره الاستشهادي أنور عزيز الذي كانت تربطه به علاقة وطيدة، مضيفةً: "الأيام الأخيرة من حياة شقيقي كانت ملفتةً للنظر وخصوصاً بعد تكرر محاولات اعتقاله من قبل الاحتلال وأجهزة السلطة، حيث أوصاها قبل استشهاده بعدة أيام بأمه وأبنائه وزوجته خيراً إذا ما تعرض لمكروه".
    وتطرقت "أم محمود" إلى العديد من الصفات النبيلة والأخلاق العالية الرفيعة التي كان يتميز بها الشهيد "هاني"، قائلة: "رغم مرور ثمانية عشر عاماً على استشهاده أشعر أنه يعيش بيننا يواسينا.. يشاركننا أفراحنا وأتراحنا، فصورته كما سيرته حاضرة دوماً في عقول وقلوب كل من عرفه"، مؤكدةً أنها في كثير من الأحيان تشعر بالحاجة الماسة إلى وجود شقيقها "أبا معاذ" جنبها في كثير المواقف والمناسبات.
    ولم تخفِ شقيقة أبو معاذ مدى حرصه على أهمية تفعيل دور المرأة المسلمة في كافة مجالات العمل المحافظ على عفتها وكرامتها، وخاصة العمل المقاوم للاحتلال، مؤكدةً مدى تشجيعه لها للخروج للعلم والعمل.

    محطات مهمة 
    ونبهت "أم محمود" إلى مدى حرص الشهيد القائد هاني عابد على توحيد الصفوف، وخاصة بين التيارات الإسلامية لمواجهة قوى الاستكبار العالمي الذي تقوده أمريكا والكيان الصهيوني ومن يصير تحت جناحهما، مشيرةً إلى حجم الألم  Ø§Ù„ذي كان يعتصر وجدانه عندما يشاهد المنافسة بين التنظيمات الإسلامية قد دخلت مساراً غير المسار الطبيعي لها، وهو التنافس على الخير. 
    وكان شهيدنا عقب انسحاب قوات الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة، في العام 1994Ù…ØŒ قد عمل برفقة عدد من إخوانه المجاهدين وبإشراف مباشر من د. فتحي الشقاقي، على تأسيس صحيفة "الاستقلال" الأسبوعية، حيث تولى رئاسة التحرير فيها. 

    رحلة الخلود
    وبعد صدور العدد الأول من صحيفة الاستقلال التي كان يرأسها، والتي تعتبر ناطقة بلسان المقاومة الفلسطينية، تمكنت قوات الاحتلال بتاريخ 2/11/1994 من اغتيال شهيدنا المجاهد "أبو معاذ" وذلك من خلال تفجير سيارته الخاصة قبالة باب كلية العلوم والتكنولوجيا في خان يونس، حيث تمت عملية الاغتيال بعد أشهر معدودة من خروجه من سجون السلطة الفلسطينية. فإلى جنات الخلد يا شهيدنا المجاهد.
    وفي نهاية الحديث، وجهت أم محمود عديد الرسائل إلى كافة التيارات الإسلامية دون استثناء إلى ضرورة الوحدة في مواجهة غطرسة الاحتلال، داعيةً الجميع إلى الحفاظ على تضحيات الشهداء والأسرى والجرحى من خلال التمسك بخيار المقاومة لا خيار الاستسلام والتهدئة مع عدو يمارس القتل والتدمير بحق شعبنا ومقدساتنا بشكل مُمنهج.

    (المصدر: سرايا القدس، 3/11/2012)


    أضف تعليق



    تعليقات الفيسبوك

حسب التوقيت المحلي لمدينة القدس

حالة الطقس حسب مدينة القدس

استطلاع رأي

ما رأيك في تضامن الشارع الفلسطيني مع الاسرى في معركتهم الأخيرة في داخل سجن عوفر؟

43.5%

16.7%

35.2%

4.6%

أرشيف الإستطلاعات
من الذاكرة الفلسطينية

اغتيال المجاهد وائل إبراهيم نصار "قرعان" من سرايا القدس بقصف صهيوني وسط قطاع غزة

27 إبريل 2006

قوات الاحتلال الصهيوني ترتكب مجزرة في قرية خربة المنصورة قضاء مدينة حيفا

27 إبريل 1948

الأرشيف
القائمة البريدية